حفر في السياق الفكري لإلغاء الخلافة الإسلامية.

الخلافة والدين والدولة

    لم تحظ بعد الأدبيات التركية العثمانية التي مثلتْ السياق العالِم والأيديولوجي معًا لما سُميَ "إلغاء الخلافة"، بالاهتمام البحثي الكافي في العالم العربي.
    هذا ما يبدو أنه دفعَ (رمضان يلدرم) مؤلف هذا الكتاب الذي نقدّم هنا أوّل ترجمة له إلى العربية، إلى أن يقول دون كبير تحفظ "إن الدراسات العربية التي تناولت مسألة الخلافة اتصفت بالسطحية أساسًا، لقلة اعتمادها على المراجع التركية". صحيح أن هذا التوصيف قد يبدو حكمًا تبخيسيًا متسرعًا، أو مبالغًا فيه، ضد الدراسات العربية المعنية. ولكنه من الوجيه على أي حال أن نقول إن الدراسات والمؤلفات العربية في هذا الباب ظلّتْ، منذ نشوء الدول القطرية ما بعد الاستعمارية ومدوناتها المدرسية أو التربوية، لا تأخذ غالبًا بما يكفي، بعين الاعتبار، الخلفية العثمانية لمثل هذه القضايا.
    لقد أصبح إذًا ملحًّا في السياقات الراهنة أن نقوم بتحليل متأنٍ لهذا التعالق التاريخي، وللسياقات التي أنتجتْ الخيارات الفكرية والإيديولوجية التي تصارعت، لا سيما مع بدايات "المسألة الشرقية"، حول مفاهيم مثل: علاقة الدولة أو الأمة بالخلافة، وعلاقة القانون الدولتي بالفقه ومذاهبه، والطريقة التي استُثمرَتْ بها مفردات إسلامية إلى جانب مفردات أوروبية حديثة لصياغة أنماط من الخطاب والسرديات، أو أنماط من التشكلات الذاكراتية "المحيّنة" أو المخترعة.
    من هنا جاءت أولوية الاهتمام بالاطلاع على الخلفية العثمانية وأدبياتها، ولكن أيضًا على الطرق والمناحي التي يتمثّلها البحث الأكاديمي التركي المعاصر، وهو جهد تأتي ترجمة كتاب (رمضان يلدرم) إلى العربية، كإسهام فيه.

    بدي المرابطي



اشترك في النشرة البريدية