نصّ ممتع في سخريته السوداء…

العراك في جهنم

    نصّ ممتع في سخريته السوداء...
    مرحلة من حياة الشعب الليبي يصعب تصوّرها إلّا على أنها ملهاة...
    الناشر
    * * *
    «قيل إنّ العراك بدأ بعد تصعيد جمال التشنكوي ليصبح أوّل سكّيرٍ وتاجرٍ للخمرِ يجلس على كرسي أمانة شعبية جهنم. لم يثق منافسه، العقيد بودبّارة من حملِ التشنكوي على عاتقه مطالب شعبية جهنّم، فدخلت القرية بأكملها في قتال بين شيعة التشنكوي وحزب العقيد؛ إذ لم يرض الخاسرون أن يصبح تاجر البوخة أمينًا لهم.
    وقبل أن تخدعك نفسك في التأويل والتفسير عن مغزى هذه الحكاية ورموزها، وهل يمكن أن يرمز التشنكوي والعقيد لكيانات أكبر منهما ليكونا أطراف صراعٍ في المعمورة الليبية أو أي معمورة أخرى، أردتُ أن أريح عقلك وأقول لك بأن هذه القصة حقيقية، وحدثت في تسعينيات القرن البائد، في قرية صغيرة اسمها جهنّم، تحت أعينِ سلطة الشعب. وأنا هُنا، الراوي الذي يستعير انتباهك، مجرد محرّف لها لغرض المُتعة والأرشفة الإنسانية للأجيال القادمة، الأجيال التي لن تهمها العِبرَ بقدر اهتمامها بأننا كنا نعيش في بلدٍ غير خاضع لمعايير العالم الذي يحوم حولنا، بلدٌ هامشيٌّ كان في كل بيت فيه زجاجات «سعادة، كوثر، تبر ومرادة» فارغة نعبئها عند الموزعين والجمعيّات، ونستخدمها بعد تكسيرها لحماية أسوارنا التي يمتد ارتفاعها ضعفي طول إنسان بالغ من الغزاة والسارقين. وفي حالة العِراك بين بيت التشنكوِي والعقيد، نحوّلها إلى زجاجات مولوتوف نستخدمها صواريخ لإحراق أرض العدو».



اطلب الكتاب

اشترك في النشرة البريدية